لقد خلق الله كل شيء في الكون بميزان دقيق محكم لا يعتريه خلل، إذ قال جل شأنه { وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ }، هذا الميزان الرباني يتحرك وفق قوانينه كل شيء في الكون، من شمس وقمر ونجوم وكواكب، إذ لا تحيد أبداً عن تلك القوانين ولو بقدر ضئيل، وهى تمضى على هذا النسق البديع مُسَيّرة بقدرة الله تعالى كي تؤدى مهمتها المقدرة المحددة بمنتهى الدقة والنظام، إذ لم يمنحها الخالق جل في علاه القدرة على الاختيار، حيث تدور و تجرى وفق قدر معلوم إجباراً لا اختياراً، و هي تفصح وقتما تتحرك على هذا النحو عن آية كونية رائعة _ جديرة بالتأمل والتدبر في كتاب الله المنظور _ تحكم أداء الكون كله من الذرة إلى المجرة ألا وهى آية ( الميزان ).
والإنسان خَلقٌ من خَلقٍ الله تعالى ليس بمعزل ولا منأى عن نواميس هذا الميزان، إذ جاء الإنسان إلى الأرض وجاء معه ميزانه كي يضبط وينظم حركته في الحياة بما يجعله يحيا في حالة انسجام وتوافق مع مفردات الكون الأخرى.. هذا الميزان جاء متمثلاً في منهج رباني مكتمل يرمى إلى تحقيق التوازن بين جانبي الإنسان وهما الروح والمادة بحيث لا يطغى جانب على جانب، كي لا ينسلخ الإنسان من بشريته إلى خَلْق آخر لا يرتضيه الخالق له، لأن الإنسان بشر ولا يجب أن يكون غير ذلك، وهنا تكمن القدرة على تحقيق المعادلة الصعبة بين جانب يريد أن يرقى إلى السماء وهو جانب الروح، وبين جانب يريد أن يخلد إلى الأرض وهو جانب المادة، وبينهما نقطة متوسطة هي ما يجب أن يلتزم الإنسان به عند حركته في الحياة، وهنا أقصد المنهج الوسط المعتدل في الفكر والتصور والاعتقاد والحركة والسلوك، وتحقيق الوسطية هنا يعنى عملياً إقامة المنهج الرباني المعنى في قوله الله تعالى { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا..} .
وهنا التقط مثالين جليين أحدهما يتصل بالروح وثانيهما يتصل بالمادة ثم أجرى مع قارئي العزيز إسقاطاً واقعياً لهذين المثالين، لنرى معاً مدى تحقق الميزان في كليهما على أرض الواقع، ثم نلتقط المرحلة الوسط بين المثالين لتمثل الميزان بين الروح والجسد:-
(المثال الأول ).. أرى أن ظاهرة التدين عبر تعدد الجماعات الدينية المتناثرة والمتغلغلة في نسيجنا الاجتماعي، تعد ظاهرة تسبح في اتجاه معاكس لمفاهيم التوسط والاتزان في هذا الخصوص..لماذا؟، لأن كل جماعة قد رأت الدين كما يحلو لها، وفسرت النصوص القرآنية والنبوية بالطريقة التي تخدم أهدافها وتحقق مآربها، ونظرت إلى الدين من زاوية واحدة قد تكون عند البعض حادة جداً وتمثل إفراطاً غير مقبول، وقد تكون منفرجة جداً فتمثل تفريطاً غير مستساغ، وبين هذا وذاك منطقة وسط تاهت من عقول وقلوب هذه الفرق، إذ فسرت جماعة الدين بغلو وتشدد وتعنت يدفع إلى التطرف والعنف والصدام الدموي مع المجتمع تحت مبررات ما أنزل الله بها من سلطان!!.
وجماعة أخرى فسرت الدين تفسيراً سياسياً، فراحت تعزف على أوتار المشاعر من خلال شعارات تعلن الدين وتبطن السياسة لخلق شعبية وجماهيرية تكون قنطرة نحو كرسي أو منصب يقع عليه ضوء الشمس!!.
وجماعة ثالثة فسرت الدين على أنه عزلة عن الحياة والأحياء بأن حاربت كل تطور أو تقدم بحجة أنه بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وبذا وقفت معادية لكل أشكال التحضر والتمدن!!.
وجماعة رابعة فسرت الدين مظهرياً على أنه جلباب وسواك ولحية وطيب.
وهكذا تعددت الجماعات والفرق وكل جماعة ترى أنها على الحق المبين وأن ما سواها على الضلال المبين، وفى خضم هذه المشاحنات تاه الطريق القويم من تحت أقدام كثير من الناس، واختل ميزان التدين الصحيح في قلوبهم وعقولهم، فراح فريق يسبح بحمد الجماعة الفلانية ، وفريق يسبح بحمد الجماعة العلانية، بل و أصبح التبرير لتصرفات هذه الجماعة أو تلك مقدم على ما سواه من دين أو ضمير أو وطنية، ولذلك فإني أتصور أن تناثر الجماعات الدينية هنا وهناك تحت مظلات مختلفة هي أحدى مصائبنا الاجتماعية التي تحتاج إلى وضع إستراتيجية تساهم في بنائها كل مؤسسات المجتمع بهدف إرجاع الأقدام المنزلقة في هوة تلك الجماعات إلى طريق التدين الوسط الذي لا إفراط فيه ولا تفريط ... قال رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ( إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق فإن المُنْبَتَّ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى ) .
( المثال الثاني ) فيشرح بوضوح عن صور الاختلال المادي في حياة البشر فيما يتعلق بالإنفاق والاستهلاك ، حيث تاه منهج الاعتدال والاتزان من العرب والمسلمين خاصة في أوقات الرخاء والترف فحكي التاريخ ولا زلنا نرى حتى الآن لقطات صارخة تبرهن بما لا يدع مجالاً للشك على تدنى مستوى ثقافة الإنفاق والاستهلاك. لقد وضع الله تعالى ميزاناً للإنفاق والاستهلاك في قوله تعالى { وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا } وقال تعالى أيضاً { يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} ، ذلكم هو المنهج الرباني القويم الذي حادت عنه نفوس أشربت عادات الإسراف والبذخ، ونفوس أخرى أشربت عادات الشح والبخل والأنانية تحت مبرر ( من حكم في ماله فما ظلم ) .
ولذلك فلا عجب أن نرى القلق وقد ظهر على تصريحات الرسميين من جراء سوء الإنفاق و الاستهلاك سواء فيما يتصل بالموارد العامة أو الموارد الخاصة، ولذا انطلقت دعوات بل وتشريعات لترشيد الاستهلاك والحد من الإسراف غير المبرر الذي يهدد بكارثة مستقبلية إن استمر بهذه المعدلات المخيفة، والأمر هنا يحتاج بالموازاة إلى الدعوات والتشريعات إلى وضع آليات لنشر ثقافة الإنفاق والاستهلاك بين قطاعات المجتمع بحيث يتم تقليل وتحجيم الفاقد والتالف إلى أدنى مستوى ممكن .
وبين مثال الروح ومثال المادة منطقة مثالية تجمع بين متطلبات المادة ومتطلبات المادة في تناسق جميل، تمثل في رأيي ميزان الحياة قال تعالى { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}، هذا هو الميزان الذي يحفظ على الإنسان بشريته المكرمة، إذ ليس مطلوباً منه أن يكون ملكاً فيميل ميلاً كبيراً إلى جانب الروح وينقطع كلياً عن حياة البشر، كما أنه منهي أن يكون مبذراً مسرفاً فيميل ميلاً عظيماً نحو متطلبات نفسه و جسده { إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}.
والإنسان خَلقٌ من خَلقٍ الله تعالى ليس بمعزل ولا منأى عن نواميس هذا الميزان، إذ جاء الإنسان إلى الأرض وجاء معه ميزانه كي يضبط وينظم حركته في الحياة بما يجعله يحيا في حالة انسجام وتوافق مع مفردات الكون الأخرى.. هذا الميزان جاء متمثلاً في منهج رباني مكتمل يرمى إلى تحقيق التوازن بين جانبي الإنسان وهما الروح والمادة بحيث لا يطغى جانب على جانب، كي لا ينسلخ الإنسان من بشريته إلى خَلْق آخر لا يرتضيه الخالق له، لأن الإنسان بشر ولا يجب أن يكون غير ذلك، وهنا تكمن القدرة على تحقيق المعادلة الصعبة بين جانب يريد أن يرقى إلى السماء وهو جانب الروح، وبين جانب يريد أن يخلد إلى الأرض وهو جانب المادة، وبينهما نقطة متوسطة هي ما يجب أن يلتزم الإنسان به عند حركته في الحياة، وهنا أقصد المنهج الوسط المعتدل في الفكر والتصور والاعتقاد والحركة والسلوك، وتحقيق الوسطية هنا يعنى عملياً إقامة المنهج الرباني المعنى في قوله الله تعالى { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا..} .
وهنا التقط مثالين جليين أحدهما يتصل بالروح وثانيهما يتصل بالمادة ثم أجرى مع قارئي العزيز إسقاطاً واقعياً لهذين المثالين، لنرى معاً مدى تحقق الميزان في كليهما على أرض الواقع، ثم نلتقط المرحلة الوسط بين المثالين لتمثل الميزان بين الروح والجسد:-
(المثال الأول ).. أرى أن ظاهرة التدين عبر تعدد الجماعات الدينية المتناثرة والمتغلغلة في نسيجنا الاجتماعي، تعد ظاهرة تسبح في اتجاه معاكس لمفاهيم التوسط والاتزان في هذا الخصوص..لماذا؟، لأن كل جماعة قد رأت الدين كما يحلو لها، وفسرت النصوص القرآنية والنبوية بالطريقة التي تخدم أهدافها وتحقق مآربها، ونظرت إلى الدين من زاوية واحدة قد تكون عند البعض حادة جداً وتمثل إفراطاً غير مقبول، وقد تكون منفرجة جداً فتمثل تفريطاً غير مستساغ، وبين هذا وذاك منطقة وسط تاهت من عقول وقلوب هذه الفرق، إذ فسرت جماعة الدين بغلو وتشدد وتعنت يدفع إلى التطرف والعنف والصدام الدموي مع المجتمع تحت مبررات ما أنزل الله بها من سلطان!!.
وجماعة أخرى فسرت الدين تفسيراً سياسياً، فراحت تعزف على أوتار المشاعر من خلال شعارات تعلن الدين وتبطن السياسة لخلق شعبية وجماهيرية تكون قنطرة نحو كرسي أو منصب يقع عليه ضوء الشمس!!.
وجماعة ثالثة فسرت الدين على أنه عزلة عن الحياة والأحياء بأن حاربت كل تطور أو تقدم بحجة أنه بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وبذا وقفت معادية لكل أشكال التحضر والتمدن!!.
وجماعة رابعة فسرت الدين مظهرياً على أنه جلباب وسواك ولحية وطيب.
وهكذا تعددت الجماعات والفرق وكل جماعة ترى أنها على الحق المبين وأن ما سواها على الضلال المبين، وفى خضم هذه المشاحنات تاه الطريق القويم من تحت أقدام كثير من الناس، واختل ميزان التدين الصحيح في قلوبهم وعقولهم، فراح فريق يسبح بحمد الجماعة الفلانية ، وفريق يسبح بحمد الجماعة العلانية، بل و أصبح التبرير لتصرفات هذه الجماعة أو تلك مقدم على ما سواه من دين أو ضمير أو وطنية، ولذلك فإني أتصور أن تناثر الجماعات الدينية هنا وهناك تحت مظلات مختلفة هي أحدى مصائبنا الاجتماعية التي تحتاج إلى وضع إستراتيجية تساهم في بنائها كل مؤسسات المجتمع بهدف إرجاع الأقدام المنزلقة في هوة تلك الجماعات إلى طريق التدين الوسط الذي لا إفراط فيه ولا تفريط ... قال رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ( إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق فإن المُنْبَتَّ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى ) .
( المثال الثاني ) فيشرح بوضوح عن صور الاختلال المادي في حياة البشر فيما يتعلق بالإنفاق والاستهلاك ، حيث تاه منهج الاعتدال والاتزان من العرب والمسلمين خاصة في أوقات الرخاء والترف فحكي التاريخ ولا زلنا نرى حتى الآن لقطات صارخة تبرهن بما لا يدع مجالاً للشك على تدنى مستوى ثقافة الإنفاق والاستهلاك. لقد وضع الله تعالى ميزاناً للإنفاق والاستهلاك في قوله تعالى { وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا } وقال تعالى أيضاً { يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} ، ذلكم هو المنهج الرباني القويم الذي حادت عنه نفوس أشربت عادات الإسراف والبذخ، ونفوس أخرى أشربت عادات الشح والبخل والأنانية تحت مبرر ( من حكم في ماله فما ظلم ) .
ولذلك فلا عجب أن نرى القلق وقد ظهر على تصريحات الرسميين من جراء سوء الإنفاق و الاستهلاك سواء فيما يتصل بالموارد العامة أو الموارد الخاصة، ولذا انطلقت دعوات بل وتشريعات لترشيد الاستهلاك والحد من الإسراف غير المبرر الذي يهدد بكارثة مستقبلية إن استمر بهذه المعدلات المخيفة، والأمر هنا يحتاج بالموازاة إلى الدعوات والتشريعات إلى وضع آليات لنشر ثقافة الإنفاق والاستهلاك بين قطاعات المجتمع بحيث يتم تقليل وتحجيم الفاقد والتالف إلى أدنى مستوى ممكن .
وبين مثال الروح ومثال المادة منطقة مثالية تجمع بين متطلبات المادة ومتطلبات المادة في تناسق جميل، تمثل في رأيي ميزان الحياة قال تعالى { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}، هذا هو الميزان الذي يحفظ على الإنسان بشريته المكرمة، إذ ليس مطلوباً منه أن يكون ملكاً فيميل ميلاً كبيراً إلى جانب الروح وينقطع كلياً عن حياة البشر، كما أنه منهي أن يكون مبذراً مسرفاً فيميل ميلاً عظيماً نحو متطلبات نفسه و جسده { إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}.
genghiz
No comments:
Post a Comment